وكالة العرب تروي قصة الفتاة السورية مرام الناجية من مجزرة داعش في الميادين بدير الزور السورية

أربعاء, 01/31/2018 - 13:47
تنظيم داعش

(وكالة العرب.. لقاء ومتابعة هادي قاسم )ما اكثر القصص التي تأتينا من مدينة الميادين في دير الزور السورية وما أكثر المآسي التي نسمعها ممن استطاع الخروج من تلك المحرقة حيث أننا نسمع عن فظائع لم تحدث منذ الحرب العالمية الثانية ومن بين الناجين فتاة اسمها مرام استطاعت وكالة العرب ان تلتقي بها وان يعرف ماذا  حصل هناك .

ولكن في البداية نريد ان ننوه ان مرام هي من طلبت ان لا نعرض صورتها او حتى نذكر اسم عائلتها لان ما زال لديها اقرباء محاصرين في مدينة الميادين  لذلك فضلنا ذكر اسمها وهو (مرام-ح).

فما هي قصة مرام وكيف استطاعت الخروج من الميادين

تقول مرام :

انا طالبة اقتصاد سنة اولى في جامعة دمشق عمري 19 سنة ولدت في مدينة طرطوس وبسبب عمل والدي انتقلنا الى عدة محافظات منها حمص والسويداء واخيرا في دير الزور لان والدي كان عمله في الفترة الاخيرة هناك وعائلتنا مؤلفة من اب وام واخ واخت اصغر مني بسنتين واخ عمره12 سنة .

وفي السنوات الخمس الاخيرة  انتقلنا الى مدينة الميادين لان عمل والدي اصبح هناك حيث كان غالبية السكان في الحي الجنوبي  عمال في المعامل وهم من اغلب المحافظات  في سوريا وحتى اغلب الطوائف وكنا نعيش حالة حياة تعايش فريدة من نوعها في هذا المدينة .

تكمل مرام :

عندما  حصلت الاحداث في سوريا عام 2011 في شهر اذار  لم يحدث أي شيئ في الميادينلانها مدينة مسالمة وغالبية سكانها مسالمين  أي غالبيتهم مؤيدين وعندما انزاح الكثير من المهجرين من بيوتهم  كانت الميادينهي من اهم المناطق التي استقبلت النازحين واعطت بيوتا لهم قبل ان يدخلها داعش

حيث كان  لوالدي منزل في الطابق الاخير من البناية التي نسكنها فعندما اتت عائلة نازحة الى بنايتنا اعطاهم المنزل  دون مقابل ودون ان يسالهنم من اين انتم او من أي طائفة انتم لاننا لم  نعتد على ان نسال هذا السؤال لاي احد في سوريا ولم نعرف من اين هم الا بعد اسبوعين حيث كانوا من دير الزورلان النازحين كانوا من مناطق  مختلفة

-وعندما سالنا مرام عن احداث الميادين الاخيرة  وما سبقها بايام ؟

قالت :قبل اسبوعين سمعنا من مواقع التواصل الاجتماعي  ان الارهابين يريدون الهجوم على مناطق امنة بالقرب من الاحياء التي لا يتواجد بها داعش فشعر والدي انه ربما سيحصل شيئ في الحي الذي نسكن بهودائما كان يقول اثناء معركة القلمون انه يخشى من انتقام الارهابين لمناطق امنة  لذلك اشترى بندقية  ووالدي معروف بتايده الشديد للجيش العربي السوري البطل  وكان قد وضع  العلم السوري على باب منزلنا.

تتابع مرام :في الفترة الاخيرة بتنا نلاحظ تزايد اعداد النازحين الى الحي ولاحظنا وجود اشخاص غريبين لاول مرة نراهم في الحي حتى ان البناية التي نسكنها كان هناك منزل لنازح يستقبل اشخاص تصرفاتهم الاخلاقية سيئة  ووالدي تحدث معه بخصوصهم ولكن الرجل أصر على مجيئهم بحجة انهم اقرباءه .

-سالنا مرام ....ماذا حصل يوم الاحداث ؟

تقول مرام والدموع تنسكب من عينيها :ان ذلك اليوم افظع يوم رايته في حياتي  فلا استطيع ان اصفه لك من روعة ما شاهدته حيث استيقظت على صراخ والدتي في الساعة الخامسة صباحا (لانني كنت نائمة مع اختي في غرفتنا ) فخرجت من الغرفة فوجدت امي تقول  (دخلت داعش الحي) فسالتها متفاجئة .من هم .......فاجابني ابي وهو يقف على النافذة المطلة على الشارع : الارهابيون ... فاقتربت من النافذة لارى ماذا يحصل في الخارج .

فشاهدت منظرا مرعبا وغريبا ......مجموعة كبيرة م الرجال  الذين يرتدون لباسا اسودا  وبلحيات  طويلة وبعضها شائب  ووجوه ملثمة  ويحملون سواطير وسكاكين ومنهم من يحمل  قضبان حديدية غليظة  ومنهم يحمل بنادق ويطلقون الرصاص يمينا وشمالا ... اعتقدت في اللحظة الاولى انني ما زلت نائمة واشاهد كابوسا  لاننيرايت ارهابيا اخرج عائلة كاملة من البناية التي تبعد عن بنايتنا 25 متر تقريبا ...حيث اخرجهم الارهابي بلباس النوم فاخذ الاب ووضع راسه على الارض وقطع راسه بساطور وهو يقول الله اكبر فصرخ ابنه وزوجته وابنته التي كانت صديقتي فما كان من الارهابيين الاخريين الا ان احضروا ابنه ووضعوه الى جانب ابيه وقطعوا راسه ايضا وعندما اسرعت الام الى ابنها سارع ارهابي اخر برشق الام بعدة طلقات اصابت كامل جسدها ورشق صديقتي باكثر من طلقة حتى سقطت شهيدة والدم يملئ جسدها

عندها صرخت بقوة ..يا الله ...فامسك والدي بيدي واراد ان يبعدني عن النافذة لكن صراخ الناس في الخارج جعل والدي وانا ننظر بشغف اكثر الى ما يجري في الخارج حيث رايتبام عيني كيف امسكوا بامراة حامل ووضعوا الساطور على بطنها ثم ذبحوها ومن ثم احضروا زوجها وقطعوا رقبته بسكين حاد ومن ثم احرقوا البناية بالنار وكان كلام الارهابيين غير مفهوم فعلمت انهم خارج سوريا فرايتهم كيف يطلقون الرصاص على الاطفال الهاربة دون رحمة حتى امتلئ الشارع بجثثهم  وكيف انهم يجمعون بعض الشباب ويضعونهم على الحائط ومن ثم يرشقونهم بالنار وبعض الشباب يضعونهم في السيارة وياخذونهم كمخطوفين واولئك الشباب هم من المؤيدين واقربائهم ضباط في الجيش العربي السوري .

امام ذلك كله امسك ابي يده بشده على يدي وابعدني وهو يقول  اذهبي انت وامك واخواتك الى غرفة اخوك واختبئوا هناك وبالفعل ذهبنا جميعا الى غرفة اخي لانها غير مطلة على الشارع واخذ ابي بندقيته ووقف خلف باب منزلنا

في هذا الوقت كنا ونحن في الغرفة نسمع صراخ الامهات والاطفال في الخارج ومن ثم بدا الضجيج يقترب شيئا فشيئا فاحسسنا ان الارهابين اصبحوا بالقرب من بنايتنا فما كان من امي الا وخرجت خارج الغرفة لتتفقد والدي الذي ما زال خلف الباب يسمع وويراقب ماذا يحصل واذ به يقول لامي اصبحوا في البناية وبالفعل دخلوا البناية وقتلوا اصحاب بيوت الطابق الاول بدم بارد وسمعنا اصوات بكاء النساء واهات الرجال ومن ثم بدا الارهابيون يصعدون الطوابق ويدخلون كل منزل ويقتلون اصحابه الا ان وصلوا الى الطابق الذي نسكن به واصبحوا على باب منزلنا

تتابع مرام ....

 

عندما اصبحوا على باب منزلنا شد ابي  على بندقيته واتجه بسرعة الى باب منزلنا ووقف خلف الباب ووجه بندقيته   باتجاهه في هذا الوقت  صرخ اخي  وخرج من غرفته وهو يقول :لا ..لا لن اسمح لهم بالدخول  وذهب الى  خلف والدي الذي قال له ارجع الى غرفتك مع امك واخواتك ..

عندها كنا انا واختي وامي نراقب عن بعد ماذا يجري لاننا خرجنا وراء اخي من غرفته فركضت  امي على اخي وحاولت مسكه ليعود الى غرفتنا  ..

لكن احد الارهابيين بدا بخلع باب المنزل ومن شدة خوف والدتي على اخي ولان المسافة بين باب المنزل وغرفتنا لا باس بها دخلت هي واخي الى المطبخ القريب من باب المنزل وبقيت انا واختي  على باب غرفتنا  فركضت اختي وبسرعة  الى الصالون و اختبئت خلف طاولة الصالون  بدلا من الذهاب الى غرفتنا فركضت وراءها واختبئت وراء طاولة التلفاز...

في هذه الاثناء القصيرة الزمن قام الارهابيون بخلع باب منزلنا بالكامل  وبمجرد تم خلع الباب قام ابي باطلاق الرصاص عليهم بسرعة وهو يقول بصوت عال: ياخونة ......وقاموا هم باطلاق رصاص  كثيف عليه .....وبداواباطلاق النار عشوائيا يمينا ويسارا .....حتى اختفى صوت والدي ....

تكمل مرام :كل ما اذكره انني في تلك اللحظة سقطت على الارض  ....دون ارادتي  ....واصبحت بيني وبين ما يجري  طاولة التلفاز لكن عيني كانت ترى  ما يجري رغم شعوري بالدوار ....فنظرت الى اختي فوجدتها ما زالت مختبئة خلف طاولة الصالون  .....لكن الارهابيين ظلوا يطلقون الرصاص ....حتى انني سمعت طلقة رصاص اصابت التلفاز واصابت طاولته التي انا خلفها وكل ما في الصالون احسسته انه كسر ووقع على الارض حتى لوحة الصالون الكبيرة سقطت على راسي ..لكنني لم اشعر بالمها لانني كنت اراقب الرصاص المنهمر على الطاولة التي تختبئ اختي خلفها  التي كنت اسمع انينها ولكن بعد فترة اختفى صوتها ....بعدها  شعرت بالم شديد في قدمي    حيث احسست ان رصاصة ما دخلت قدمي اليمنى ....عندها بت  افقد الوعي شيئا فشيئا ..........شعرت ان الدماء تملئ قدمي كما انها تملئ المكان كله ....وعندها توقف اطلاق الرصاص فترة بسيطة ....

في اللحظة الاولى توقعت انني استشهدت ولكنني  ورغم الغشاوة على عيني كنت ارى وبصورة باهتة كل ما يجري واسمع ما يحدث ...

-سالنا مرام ....ماذا رايت وماذا سمعت ؟

تجيب مرام :استطيع ان اقول انني رايت خمسة رجال  اربعة منهم  ملثمين يرتدون ملابس سوداء  مليئة  بالدماء ولا يتكلمون العربية وبايديهم بنادق والرجل الخامس هو الذي يتكلم العربية ولكن بصعوبة وهو لم يكن يضع لثاما على وجهه وكان ذو لحية بيضاء كبيرة جدا ..ويبدو انه رجل متقدم في العمر ...حاولت التمعن به اكثر لكي اعرفه  لكنني احسست ان غريب عن المنطقة التي نسكن بها  لانني لا اذكر انني شاهدت هذا الرجل  حيث اقترب مني او (من جثتي كما كنت اتوقع )وقال لهم وهو يبتسم ابتسامة خبيثة وشريرة  .....انها ماتت ....فعلمت انهم ظنوا انني ميتة......

فما كان منهم جميعا الى ان دخلوا جميع الغرف وبداوا يطلقون الرصاص يمينا ويسارا واثنان منهم دخلوا الى المطبخ حيث تتواجد امي واخي .....عندها نظرت بطرف عيني  (التي لم استطع ان اوسعها  بشكل كامل )ونظرت الى المطبخ فسمعت اطلاق نار كثيف فعلمت ان امي واخي استشهدا وحاولت اغماض عيني من شدة الالم لكنني رايت بالقرب من باب المطبخ  جثةوالدي وهي مليئة بالدماء  فعلمت ان والدي اسشتهد ايضا ....ولكن الذي افرحني رغم صعوبة الموقف هو انني شاهدت جثتين لارهابيين ملثمين  فتيقنت ان والدي هو من قتلهما .....

في هذه الحظة  سمعت الرجل الكبير ذو لحية يصرخ للارهاببين  وبقوة ..هيا اصعدوا الى الاعلى وبالفعل خرجوا جميعا الى الطابق العلوي .....وهم يطلقون الرصاص بشدة في كل اتجاه حتي فبل خروجهم من منزلنا قام احدهم باطلاق نار كثيف على جثة والدي الطاهرة واحسست انهم ينتقمون منه لانه قتل ارعةارهاببين منهم ومن ثم خرجوا كالوحوش وهم يطلقون الرصاص في كل مكان يدخلونه  حتى انني سمعت وانا في غيبوبة صراخ الرجال والنساء في الطابق العلوي ....

تتابع مرام :بعد نصف ساعة وانا اسمع ما يجري عرفت ان الارهاببين  اخرجوا كل الشباب احياء وانزلوهم من البناية وعندها شعرت ان البناية اصبحت خالية منهم لانني سمعت بمكبر من اسفل المنزل بصوت ارهابي  وهو يقول في بداية كلامه الله اكبرالله اكبر... افرغوا البناية وكان ينادي لعائلتين محددتين في البناية وهو يقول اخرجوا .....

وهاتين العائلين من النازحين في البناية ....علمت انهم لم يقتلوهم ..لذلك نادوا لهم بالخروج فقط

في هذه اللحظات حاولت النهوض ولكنني لم استطع لان قدمي كانت ثقيلة علي والدماء تملئها وتملئ كل جسدي وليس قدمي فقط  ولكنني اصريت على النهوض ولم افلح فقررت ان ازحف على بطني شيئا فشيئا وذهبت باتجاه اختي التي كانت تسبح  بالدماء وبدات اناديها بصوت خافت ولكن دون اجابة فتيقنت انها استشهدت بالفعل  وعندها اصبحت الدموع تخرج مني دون ارادة ولكن خشيت ان يسمع انني احد فحاولت ان اتمالك نفسي .....فتابعت الزحف باتجاه جثة والدي الطاهرة وناديته وبدات المس جسده الطاهر واهز لعل وعسى يجيب على ولكن دون جواب وهنا بداتاالدموع تنسكب من عيني كجدول ماء حزنا على ابي الذي استشهد ولكن الذي اوقف دموعي هو شغفي بمعرفة ما حصل بامي واخي ايضا  فنظرت بعيني الى مطبخنا الذي كان امامي واذ  ارى جثة امي واخي مضرجتان بالدماء فعلمت انهما اسشهدا ايضا وبذلك لم يبقة من عائلتي سوى انا ....... ولكنني شاهدت جثتي ارهاببين اخريين على باب منزلنا فعلمت ان والدي قتلهم ايضا وبذلك يكون ابي قد قتل اربعة من الارهابيين وعندها شعرت بسعادة كبيرة رغم الالم الشديد الذي ينتابني ..

 فممرت على جثة احد الارهابين المقتولين الملثمين وحاولت بيدي الثقيلة التي كانت تؤلمني ان انزع اللثام عنه وبالفعل نزعته فلم اتعرف اليه  فاتجهت الى الارهابي الاخر وحاولت وبصعوبة نزع اللثام عنه وهنا كانت المفاجاة الكبيرة بالنسبة لي ...

سالنا مرام :ما هذه المفاجاة ؟

قالت :انني عرفت الرجل الملثم

-سالنا :من هو ...

اجابت مرام:كنت قد قلت سابقا ان والدي كان غير مرتاح لاحد النازحين الذين سكنوا في بنايتنا وكان ياتي اليه مجموعة اشخاص لم تلقى تصرفاتهم اللااخلاقية استحسان من ابي وعندما ذهب ابي لمحادثة جارنا النازح بخصوصهم تحجج بانهم اقربائه .....ان الارهابي الملثم الذي رايته هو جارنا النازح الذي كان ياوي اشخاص غير سوريين وهذا ماعرفته بعد خروجي من الميادين كما ان غالبتهم سعوديين ومن دول خليجية ومصريين وهناك اتراك بينهم...

 

-سالنا مرام :ماذا حصل بعد ان عرفت ذلك الارهابي  وكيف خرجت من مدينة الميادين ؟

بعد ان رايت ذلك الارهابي وبعد دهشتي  بذلك الموقف وبعد رؤية افراد عائلتي وجميعم شهداء تمنيت في تلك اللحظة لو انني استشهدت معهم ولكن وانا زاحفة على الارض سمعت خطوات اقدام تنزل من الطابق العلوي فتظاهرت انني ميتة واغمضت عيني قليلا واذ ارى  ابنة العائلة المستاجرة عندنا قد اصبحت على باب منزلنا واسمها سلام وهي تحمل محفظة كبيرة بيدها وشاهدت  اختها قد نزلت الى اسفل البناية لكن سلام بقيت واقفة بالقرب من منزلنا  .

وسلام طالبة  في صف البكالوريا وكنت اعلمها مادة الرياضيات وكانت تحبني واحبها لا بل كانت محببة لدى عائلتي كثيرا وهي من عائلة مؤلفة من اختين فقط واختها تصغرها بالعمر خمس سنوات ووالدتها كانت علاقتها طيبة مع امي كما ان ابي كان مرتاح لوالدها لذلك لم يكن ياخذ منه اجرة المنزل رغم ان الكثير من اقربائه كان مع خلاف سياسي مع والدي ولكن كانوا يرفضون العمل المسلح الارهابي .

-بالعودة الى سلام ماذا فعلت عندما رات والدك وانت على الارض؟

كنت اراقبها بطرف عبني وهي تنظر إلي والى والدي متفاجئة لا بل مندهشة  من روعة ذلك المنظر فاقتربت اكثر الى الباب وهي تهمس بصوت خافت باسمي..مرام ...مرام

في البداية تجاهلت همسها ولكن اصرار سلام على مناداتي ومنادات ابي واقترابها اكثر فاكثر مننا ..

فما كان مني الا واجبتها بصوت خافت وانا افتح عيني ..سلام ....عندها وقفت سلام عن التقدم وفتحت عينيها متفاجئة من صوتي ثم ابتسمت وقالت لي :مرام  انت حية ..وهي تنظر الى الخلف برعب .

اجبتها :بنعم ..فاقتربت بسرعة مني وبعد ان اطمانت على انني على قيد الحياة اخبرتني ان  الارهابيون طلبوا  من بعض النازحين الذي يعرفونهم ان يخرجوا خارج مدينة الميادين لا اميرهم السعودي قد امر بذلك

ولان والدها يعرف شخص من النازحين لديه شاحنة كبيرة سيقوم بنقلهم بالشاحنة خارج مدينة الميادين ووعدتني بانها ستحاول ان تخرجني من الميادين وحاولت ان تساعدني بالوقوف ولكنني لم افلح لان وجدت ان في قدمي ليس رصاصة واحدة فقط وانما رصاصتين كما انه يوجد رصاصة في القسم العلوي من ظهري  بالقرب من كتفي   و الجروح تملئ جسدي ولكنني من شدة الم قدمي لم اتالم من جسدي ..

في هذه الاثناء نزلت والدتها من الطابق العلوي وعندما راتني بذلك المنظر وبجانبي سلام اقتربت مننا وعلمت قصتنا واتفقت مع سلام على ان يخرجونني .

-ما هي الطريقة التي استطاعوا اخراجك بها؟

تجيب مرام :قررت سلام ان تضعني في سجادة منزلهم ويلفونها علي ثم يحاولوا انزالي على انها من عدة المنزل وانا بداخلها وذلك لانني لا استطيع المشي او حتى الحركة ولكن كان لا بد اولا من ازالة الدماء عن جسدي اولا وبالفعل اخبرت سلام والدها بذلك الذي تالم على حالة والدي وعائلتي ولان كل شيئ كان يحدث بسرعة من شدة الخوف وكان الاهم هو انقاذي من حالتي وبالفعل قامت سلام ووالدها ووالدتها باحضار سجادة بغد ان مسحوا بعض الدماء عن جسدي ولفونني  بالسجادة رغم الالم الشديد وانزلوني وعند مدخل البناية سمعت ارهابي اوقفهم وسالهم لماذا هذه السجادة وبدا بالصراخ عليهم لانه طلب منهم فقط الاغراض البسيطة وليس كل اغراض المنزل لكن صاحب الشاحنة استطاع كبح جماح ذلك الارهابي وبالفعل وضعوني في الشاحنة التي كانت مليئة بالناس حيث سمعت اصواتهم ولكنني لم ارى منهم احد.

ومن ثم سمعت محرك السيارة بدا بالتشغيل ودارت السيارة واثناء مسيرنا سمعنا اطلاق نار كثير ووقفنا عند مكان كان مليئبالارهابيين (بحسب ما سمعت ) ولكن استطاع تمريرنا حتى خرجنا من مدينة الميادين.

 

 ....وسالنا مريم ماذا حصل بعد خروجك من الميادين؟

عندما خرجنا من عدرا العمالية اوقف صاحب الشاحنة السيارة فورا وقام والد سلام وسلام باخراجي من السجادة وسط تفاجئ الناس الذين كانوا بالسيارة لاعتقادهم انه لا يوجد احد في السجادة ولكن المفاجاة ان من بين هؤلاء المتفاجئين زوجة الارهابي الذي رايته ملثما في منزلنا (الجار النازح) وعندها شعرت بالخوف على نفسي ولكن كان همي الاكبر هو اسعافي من اصابتي وبالفعل بعد خروجنا من الميادين  وبالقرب من اطراف ريف حمص اوقفوني عند دكتور يعرفه والد سلام وهناك تركونني بعد ان علموا ان الدكتور كان يعرف والدي لا بل صديقه ايضا  وتابعوا هم الرحيل وانا بقيت في عيادة الدكتور التي كانت بالقرب من منزله واتصل هو بعمتي في طرطوس بعد ان اعطيته رقم هاتفها وبالفعل قام بعلاجي حيث اخرج الرصاصتين من قدمي والرصاصة في ظهري ووابقاني في منزله عند زوجته التي كانت لطيفة معي جدا (وهنا لن اذكر اسم الدكتوروزوجته حرصا على سلامتهما الشخصية ) وبالفعل بقيت عندهم ليلة واحدة فقط  الا ان اتت عمتي  و زوجها الى المكان الذي انا فيه ونقلوني بسيارة زوج عمتي الى مشفى بدمشق رغم اصرار عمتي على الذهاب الى طرطوس الا ان حالتي كانت بحاجة الى عناية سريعة ومكثت بالمشفى اسبوعين ومن ثم تم نقلي الى طرطوس والان اسكن عند عمتي وزوجها وحالتي تتحسن شيئا فشيئا ..وباشراف دكتور مختص ....

 -سالنا مرام :قلت انه لديك اقرباء مازالوا في المرتدين .ماذا عرفت عنهم؟

نعم .لدي خالتي وزوجها واولادها الاربع ابنتين ووولدين وهما كانا في بناية بعيدة عن منزلنا أي تبعد حوالي 400متر عن منطقتنا وحسب تواصلنا معهم وتواصل عمتي واقرباء خالتي أي عائلة امي معهم او مع جيرانهم  علمنا  انهم ما زالوا على قيد الحياة الا انهم محاصريين من قبل الارهابيين ..

-وسؤالنا الاخير لمرام:بعد شفائك القريب ماذا تنوين ان تفعلي ؟

الان كل همي العودة الى دراستي واحاول ان انتقل الى جامعة تشرين واكمل دراستي لكن همي الثاني هو كيف ساحصل على جثث عائلتي اوجثة احدهم  او اي شيئ منهم بعد خروج الارهابيين من عدرا لان هذا الموضوع ما زال يؤرقني فمنظر جثث عائلتي لا يغيب عن ذاكرتي ابدا .

------وبالفعل ورغم الالم الذي مر على مرام ما زالت مرام تتمتع بصحة نفسية وعقلانية قوية لا بل اصرار الحياة والنجاح ما زال موجودا وهذا ما لاحظناه عند مقابلتنا مع مرام وهذا ما لاحظناه ايضا مع اشخاص اخرين عاشوا

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف