
يوسف السعدي
يتغير العالم اليوم بسرعة، ويواجه فيه العراق تحديات داخلية وخارجية، لكن يبقى النسيج الاجتماعي المتماسك هو خط الدفاع الأخير...
رغم ذلك فهناك ثغرات بدأت تظهر، في أحد أهم مكونات هذا النسيج وهو العشيرة.. في الوقت الذي يحافظ فيه الركنان الآخران "المرجعية والشعائر" على مكانتهما بفضل الحماية الإلهية والوعي الجمعي، لكن تواجه العشائر اليوم تحديات داخلية كبيرة، أبرزها تدهور دور زعمائها وصعود أدعياء المشيخة.
لقد أصبحت "المشيخة" في كثير من الأحيان مجرد لقب بلا مضمون، حيث أصبح تأثير الحقيقيين وكبار السن منهم، على أبنائهم ضعيفاً.
هذا الفراغ أستغله "المتشيخون" الذين لا يملكون نسباً حقيقياً أو جذوراً عشائرية أصيلة ، ليقدموا أنفسهم كزعماء، مما أدى إلى تشتيت ولاء أبناء العشيرة، وتفشي الظواهر السلبية كـالدكات العشائرية و النزاعات المسلحة.. هذه الحالة من الفوضى لم تكن لتنتشر لولا صمت الدولة، الذي أتاح المجال للدكات ونزاعات العشائرية، أن تصبح مشكلة أمنية واجتماعية خطيرة، وحان الوقت لإنهاء هذا الصمت.
يجب على الدولة أن تتدخل بقوة، لحماية النسيج الاجتماعي من هذا الانهيار التدريجي.د، ويمكن تحقيق ذلك عبر مسارين أساسيين:
أولاً: وقف التشيخ العشوائي، من خلال فرض قوانين تمنع أي شخص من ادعائها دون إثبات نسبه بوضوح.
ثانياً: تشديد العقوبات على من يستخدمون نفوذهم المزعوم، في تأجيج النزاعات، فمن الضروري إلزام كل من يدعي رئاسة عشيرة، بالتوقيع على تعهدات رسمية تضمن عدم تورطهم في ممارسات مخجلة، مثل "الدگة" أو استخدام الأسلحة بالنزاعات العشائرية، وتفرض عليهم تحمل المسؤولية القانونية الكاملة في حال حدوثها.
إنها دعوة لاستعادة الهيبة الحقيقية للمشيخة، وإعادة الأمور إلى نصابها، لضمان أن تبقى العشائر قوة بناء لا هدم في المجتمع.
