
صنعاء | عبده بغيل
بصوتٍ مدوٍّ يلامسُ عنان السماء، وروحٍ لا تعرفُ الوهن، توَّجَ الشعب اليمني الصابر اليوم الجمعة، عامين كاملين من التظاهرات والمسيرات المليونية العارمة، التي لم تنقطع يومًا، إسنادًا ودعمًا لغزة الصامدة. كانت الذروة اليوم، حيث شهدت ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء، والساحات والميادين في المحافظات، خروجًا استثنائيًا وغير مسبوق، تحت شعار يختزلُ الحقيقة: "طوفان الأقصى.. عامان من الجهاد والتضحية حتى النصر".
لقد أثبت اليمنُ، بشعبهِ الأبيّ، أن القضية الفلسطينية ليست مجرد شعارٍ عابر، بل هي عهدٌ راسخٌ في الضمير. أكد المشاركون أنهم يرون أنفسهم شريكًا أخلاقيًا وقوميًا أصيلًا في هذه المعركة الفاصلة، وأن واجبهم يتجاوز الكلمات ليصبح عملًا ملموسًا يمتدُ في كل اتجاه ممكن، مُحولين هذا الإسناد إلى نبع إلهام للحركات التضامنية العالمية، وأداة ضغط أخلاقية وسياسية تفضحُ ازدواجية المعايير الدولية.
يقظة لا تنام وثقة لا تُمنح
من أعماق اليقظة الإيمانية، أطلق المتظاهرون رسالتهم التي تتسمُ بـ بصيرة نافذة؛ مؤكدين عدم ثقتهم المطلقة في وعود العدو الصهيوني المجرم. لقد شددوا على أن أي اتفاقٍ مؤقت لن يُلغي أبدًا الحاجة إلى جهوزية وطنية دائمة ومستمرة. العدو غدّار، والمرحلة قد تشهد مناورات ومماطلات؛ لذا، يجب أن يبقى الشعبُ على أهبة الاستعداد، مستفيدًا من كل لحظة في الميدان والتدريب، مُستلهمين من كتاب الله قيم الجهاد والوفاء بالحق.
بيانٌ يباركُ الصمود ويُعرّي الخيانة
وفي ختام هذا المشهد الإنساني والجهادي العظيم، صدر بيانٌ تاريخي تلاه القائم بأعمال رئيس حكومة صنعاء، العلامة، بيّنَ أن فشل العدو في تحقيق أهدافه المعلنة، رغم جسامة التضحيات، هو شهادةٌ ناصعة على أن المقاومة والشعب الفلسطيني لم يتزعزعوا ولم يخضعوا، بل قدّموا درسًا للأمة والعالم في أن الحق ينتصر بالصبر وأن الطغيان ينكسر حتمًا.
كما حمل البيان تحية فخر واعتزاز لكل من وقف بصدق:
للقائد السيد عبدالملك الحوثي، على موقفه الإيماني والتاريخي، الذي وُصف بأنه غير مسبوق واستثنائي ومشرف على مستوى العالم كله في إسناد غزة.
للأوفياء الصادقين مع غزة، وفي مقدمتهم حزب الله في لبنان، والمقاومة في العراق، والجمهورية الإسلامية في إيران، الذين ثبتوا وصبروا وضحّوا على طريق الحق.
في المقابل، لم يتوانَ البيان عن توجيه رسالة نارية إلى الأنظمة العربية والإسلامية الخائنة والمتآمرة، قائلًا بكلماتٍ صارخة: "الخزي والعار والحسرة في الدنيا قليل عليكم فانتظروا مصيركم المحتوم في الآخرة". وذكرهم أن ما يحدث هو شواهد وعِبر تؤكد أن النصر بيد الله وحده، وهو صادق الوعد لمن توكل عليه.
وختامًا، جدد البيان التأكيد على الجاهزية الدائمة للشعب اليمني للتحرك الشامل والمستمر في مواجهة أي تصعيد عدواني إجرامي إسرائيلي أو أمريكي، مشددًا على اليقظة المستمرة تجاه مخططات الأعداء التي تسعى لصرف الأمة عن قضيتها المركزية، مؤكدًا أن هذا الشعب سيبقى جزءًا من جهد جماعي داعم لـ الصمود الفلسطيني الأسطوري.
