
الكاتب/ اسعد عبدالله عبدعلي
`ذهب الحاج جبار لشراء البيض لاحفاده الستة, حيث يتكفل معيشتهم بعد استشهاد ابنه, لكن وجد ان سعر البيض مرتفع عن باقي الايام للضعف! فصاحب الدكان يبيع ثلاث بيضات بألف دينار, وكان في الشهر السابق يبيع ستة بيضات بالف دينار, الحاج جبار محدود الدخل, راتبه التقاعدي هو كل مورده, هل يعود بثلاث بيضات ويجعل كل طفلين ببيضة؟ البائع يقول التجار رفعوا الأسعار والحكومة لا تبالي بالفقير! اشترى ثلاث بيضات بالف, وثلاث بيضات بالدين, لترتفع ديونه بسبب تجار لا يخافون الله ويمتصون قوت الفقير.
شهدت الأسواق المحلية في العراق خلال الشهر الحالي (كانون الأول/ديسمبر 2025) ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار بيض المائدة، وهي مادة غذائية أساسية لا غنى عنها للأسرة العراقية. وقد أثار هذا الارتفاع قلقاً شعبياً, بالمقابل نجد صمتا حكوميا فلا تتابع الموضوع, ولا تضع ضوابط للسوق... والضحية هم الفقراء ومحدودي الدخل... وهنا نحاول ان نفهم اسباب الارتفاع.
· زيادة الطلب الموسمي وبداية العام الدراسي
يُعد هذا العامل من أبرز الأسباب التي أشارت إليها وزارة الزراعة, ففي موسم الشتاء يزداد استهلاك البيض بشكل طبيعي, لأسباب تتعلق بالحاجة إلى مصادر طاقة وغذاء غني، مما يضع ضغطاً مباشراً على المعروض. خصوصا مع بدء العام الدراسي, حيث يتزامن الارتفاع مع بداية الدراسة، فيحصل زيادة في الطلب على البيض, كوجبة إفطار أساسية للطلاب، مما يفاقم من زيادة الطلب الكلي.
وهنا كان على الحكومة التدخل, وملاحقة التجار المحتكرين, الذين يلعبون لعبتهم الاقتصادية بكل خبث, مستغلين زيادة الطلب, مما يتسبب سلوكهم الاقتصادي بمضاعفة الأسعار, فاللعبة الخبيثة واضحة ومكشوفة, والضحية هو المواطن العراقي محدود الدخل.
· تأثير قرار منع الاستيراد وتراجع العرض
رغم أن العراق وصل إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي من بيض المائدة, بفضل الإنتاج المحلي الوفير جدا، إلا أن قرار منع الاستيراد، والذي يهدف لحماية المنتج الوطني، لكن قد أدى إلى تقليص حجم المعروض الكلي في السوق.
ان تراجع العرض في السوق هو أحد أسباب الارتفاع، فأن الأسعار كانت تتراوح بين 40 و 45 ألف دينار للكارتون في الصيف, قبل أن تصل إلى مستويات أعلى بكثير حالياً. والسبب غياب المحاسبة والرقابة الحكومية, وترك الامور بيد التجار! وهذا خطأ كبير جدا, فالتاجر يبحث عن تعظيم الأرباح بشكل دائم...
الامر الاخر المهم هو موضوع الاكتفاء الذاتي, فرغم أن الإنتاج المحلي يغطي الحاجة، إلا أن بعض الآراء تشير إلى أن غياب المنافسة الخارجية بشكل كامل, يفتح المجال أمام تحكم المنتجين المحليين بالأسعار... إذن القرار الحكومي كان متعجلا بمنع الاستيراد حيث جعل التاجر المحلي يستغل الفرصة ويضاعف الأسعار, الحكومة هي السبب في ما يحصل ويجب اصلاح الامر بسرعة لحماية المواطن من تجار السوء.
· ممارسات الاحتكار والتلاعب بالأسعار
أكدت وزارة الزراعة وعدد من المراقبين الاقتصاديين: أن هناك ممارسات احتكارية من قبل بعض المنتجين والتجار والمضاربين, الذين يستغلون الزيادة الموسمية في الطلب والتلاعب بالكميات المطروحة في السوق, ثم العمل على رفع الأسعار بشكل مصطنع, لتحقيق أرباح غير مشروعة. وكل هذا يجري في صمت حكومي مريب!
واللعبة الخبيثة كالاتي: قيام بعض المنتجين بالتحكم في الكميات المطروحة في الأسواق, لخلق نقص وهمي، خصوصاً في بعض المحافظات، مما يؤدي إلى تفاوت واضح في الأسعار.
ويتحقق هذا إذا كان هنالك غياب لاي دور حقيقي للرقابة الحكومية, او رشاوي وفساد بين التجار والجهات الرقابية.
· المطلوب / الإجراءات الحكومية لضبط السوق
في مواجهة هذا الارتفاع، يجب اتخاذ الجهات الحكومية لهذه الإجراءات لضمان استقرار الأسعار، وهي:
1. مراقبة المحتكرين: تكثيف الرقابة الميدانية وملاحقة المتلاعبين بالأسعار بالتعاون مع الأجهزة الأمنية.
2. توجيه المشاريع المحلية: مطالبة مشاريع الدواجن بطرح كامل إنتاجها في السوق لضمان الوفرة.
3. دراسة فتح الاستيراد: النظر في خيار فتح باب استيراد بيض المائدة وفق ضوابط محددة (ورسوم جمركية مناسبة) لإعادة التوازن بين العرض والطلب ومنع الإغراق في الوقت ذاته.
4. تنظيم التوزيع: العمل على خطط جديدة لتنظيم توزيع البيض بين المحافظات لضمان التوازن في الكميات والأسعار.














