
ثامر الحجامي
رغم إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية العراقية، منتصف تشرين الثاني الماضي، ما زالت أغلب ملامح المرحلة القادمة "مغيبة" وكأن الكتل السياسية العراقية إنعدمت لديها الرؤية في كثير من مواقفها، وما زالت تنتظر إنقشاع الضباب، حتى تحدد توجهاتها وتنطلق.
ملامح هذا الحال؛ يبينها عدم ظهور الشخصيات السياسية المرشحة الحقيقية الى المناصب الثلاثة العليا، وما زالت الأبواب موصدة على إجتماعاتهم اليومية، دون إعلان نتائج ولو شبه نهائية، وكأنهم ينتظرون اللحظات الأخيرة لإنتهاء المدد الدستورية..
رغم كل الحديث الإعلامي، فالكتل السنية هي المعني الأول في إنطلاق "ماراثون" تشكيل الحكومة القادمة، لأن تسمية رئيس البرلمان حصة هذه الكتل، كما جرت عليه أعراف عمليتنا السياسية.. وهي تعد بداية الشروع في المرحلة المقبلة.
تلك الكتل ما زالت في حالة صراع، حول الشخصية المرشحة لتولي هذا المنصب "الرئاسي" رغم تشكيلهم المجلس السياسي الوطني، الذي تكون من خمس قوى سنية، مماثلا للإطار التنسيقي الذي يجمع القوى الشيعية، لكن هذا المجلس الى الآن لم يتوافق على شخصية تمثله، لإستلام هذا المنصب السيادي المهم.. ربما بسبب تعدد "الرؤوس" في هذا المجلس، ورغبة بعضهم في أن يكون زعيما للمكون السني، أو بسبب توزيع باقي المناصب على مكونات هذا التحالف.
الكتل الكوردية يبدو أنها إتفقت على أن لا تتفق، ويكاد إنعكاس الصراع في الإقليم أن يظهر على مواقف تلك الإحزاب إتحاديا، والواضح أن الديمقراطي الكوردستاني يريد "الإستئثار" برئاسة الجمهورية إضافة الى رئاسة الإقليم، خلافا للإتفاقات السابقة مع الإتحاد الوطني الكوردستاني.. لذلك ربما سنشاهد مُرشحَين لرئاسة الجمهورية أمام البرلمان..
هذا سيسبب إحراجا للقوى الشيعية والسنية، في التصويت على شخص رئيس الجمهورية، وبالتالي إختلاف التمثيل الحكومي لمكونات التحالف الكوردستاني، في حال التصويت على أي من المرشحين، وربما عقد صفقات ثنائية خارج توافق المكونات، ستؤثر على المشهد السياسي برمته.
الإطار التنسيقي؛ رغم كونه الكتلة الأبرز من بين هذه القوى لأكثريته العددية، وهو المعني بتشكيل الحكومة وإختيار رئيس مجلس الوزراء، لكنه يعاني من مشاكل بنيوية كثيرة، قبل تسمية المرشح لإشغال هذا المنصب، فالبرنامج الحكومي وآلية تنفيذه وتحديات المرحلة المقبلة وكيفية التعامل معها، ربما تكون أهم من تسمية رئيس مجلس الوزراء، إضافة الى التوافق على المناصب الحكومية الأخرى..
كذلك هناك اشكاليات العلاقة بين قوى الإطار التنسيقي، وآلية تعامله مع بقية القوى سواء في التحالف الكوردستاني أو المجلس السياسي، كل هذه الأسباب ربما جعلت الإطار التنسيقي، غير متعجل في تسمية مرشحه، منتظرا الخطوات التي تسبق ترشيحه.
ما زال الضباب القاتم مخيما على المشهد السياسي، وستبقى القوى السياسية جميعا تعاني في مسيرها، بإنتظار أولى لحظات الانقشاع، ربما بعقد الجلسة الأولى للبرلمان، التي سيترأسها أكبر الاعضاء سنا، وتسمية المجلس السياسي لممثله لرئاسة البرلمان، الذي ربما ستترشح لها أكثر من شخصية، وكذلك إختيار رئيس الجمهورية الذي ربما سيكون له أكثر من مرشح أيضا.. عندها تتضح الرؤية لمعالم المرحلة القادمة.














