نحن و العرب.. و قمة بغداد

خميس, 05/15/2025 - 13:30

المتتبع لتاريخ الدول العربية، سيما الربع الأخير من القرن الماضي وصولاً ليومنا، ربما لن يجد لهم موقفا إيجابياً يذكر، تجاه القضايا المصيرية للأمة العربية و الإسلامية بشكل عام، و العراق بشكلاٍ خاص! والشواهد كثيرة على هذا، يطيل بنا المقام لذكرها.. 

تأريخياً لم يتوحد العرب إلا في حالات نذكر منها كمثال، توحد “مشركي قريش“ حين ارادوا اغتيال النبي “عليه وأله أفضل الصلوات“ غيلةً في فراشه وليس على ارض المعركة، و توحدوا في قِتالهم لسبط النبي الحُسين الشهيد في واقعة الطف، و توحدوا بفرض الحصار الجائر على العراق، الذي فرض بسبب نزوات وطغيان صدام في تسعينيات القرن الماضي، الذي كان مدعوماً ومدفوعا من قبلهم..

في عراق ما بعد 2003 بدأ عهد جديد، بنظام سياسي تعددي قائم على مبدأ التداول السلمي للسلطة، يشترك فيه جميع اطياف الشعب، مع ذلك كانت مواقف البعض من الدول العربية واضح للعيان بالضد منه.. 

المواقف السلبية لبعض الدول تجاه عراق ما بعد صدام، تمثلت في عدة جوانب منها؛ سياسية وأمنية وإقتصادية، و كان لها تأثير واضح على استقرار البلد في مرحلة ما بعد سقوط نظام البعث.. من هذه المواقف نذكر منها؛ عدم الاعتراف بشرعية النظام الجديد؛ كان على رأس تلك الدول السعودية ودول الخليج الأخرى، كانت متحفظة تجاه العملية السياسية التي أعقبت سقوط صدام، الذي كان بتدخل مباشر من قوات الأحتلال الأميركي، واعتبرت أن النظام الجديد جاء نتيجة احتلال أجنبي، مما دفعها إلى عدم إرسال سفراء إلى بغداد لسنوات بعد 2003!                                                                                                  الغريب ان قوات الإحتلال حين ارادت غزو العراق، كانت تلك الدول ممراً لها من أجل الإطاحة بنظام صدام، فضلاً على ذلك يطلقون على "قوات الأحتلال" في العراق بينما على أراضيهم قوات صديقة او متحالفة! هواي وهواك بسطح واحد ليش هواك يمشي وهواي لا! 

كما أن بعض الدول بذريعة النفوذ الإيراني المزعوم، كالسعودية يشاركها دول الجوار كانت تخشى تصاعد هذا النفوذ، خصوصًا مع صعود الأحزاب الشيعية إلى السلطة، مما دفعها لدعم أطراف سُنية بشكل غير مباشر، الأمر الذي زاد من حدة الطائفية والانقسام الداخلي..                                                                                                       لم يقتصر الآمر على هذا إنما اخذ مديات اكثر بتقاعس في دعم إعادة الإعمار، وكان العراق بعد الغزو بحاجة ماسة لدعم اقتصادي و تنموي، لكن معظم الدول العربية لم تسهم بجدية في جهود إعادة الإعمار، و امتنعت عن تقديم مساعدات كبيرة أو الاستثمار في البنية التحتية.. يا ليت الآمر انتهى لهذا الحد، بل كانوا حاضنة لشخصيات تدعي معارضتها للنظام السياسي الجديد، ومرتبطة بنشاطات إرهابية، وصارت بعضها ملاجئ لشخصيات بعثية و متطرفة، شاركت بزعزعة الإستقرار السياسي والأمني، من خلال تمويل ودعم جماعات متطرفة كالقاعدة وداعش.. سخروا جميع الامكانيات بشتى السبل، لاجل إسقاط التجربة الجديدة في العراق لانها لا تروق لهم، تشكل تهديد لسلطانهم الذي تربعوا عليه بالوارثة، واصبحت الشعوب قابعة تحت سطوتهم لعقود من الزمن، لهذا سخروا ابواقهم الإعلامية عبر الفضائيات ومواقع التواصل..                                                                                     بل إن العديد من وسائل الإعلام العربية، تبنت خطابًا عدائيًا تجاه الحكومات التي تشكلت بعد 2003، ووصفتها بأنها "تابعة لإيران"، مما ساهم في تشويه صورة النظام السياسي عند الرأي العام العربي، وحتى بعد انفتاح العراق دبلوماسيًا، بقيت العلاقات مع كثير منها باردة، أو محكومة بحسابات أمنية وطائفية، مما حد من فرص التعاون الحقيقي.. على عكس ما حصل في سوريا بين ليلة وضحاها حين اسقط نظام البعث السوري وجيء بالجولاني ليحكم سوريا، انبرت الدول العربية والأقليمية في مقدمتها قطر وتركيا ودول مجلس التعاون بتقديم الدعم على جميع الأصعدة! لما في سوريا جائز تقديم الدعم وفي العراق لا؟!

 

لاحقا وما أن أعلن إحتضان بغداد لقمة  الدول العربية، بدأت الأصوات والمواقف السلبية تصدر من هنا وهناك، فهذا يفرض ما يراه هو و إلا لن يشارك فيها، والآخر يقول الوقت غير مناسب، وغيره يقلل من أهميتها لكونها لن تخرج بشيء جديد، ليأتي أخر و يعمل على هو اكبر من ذلك لسلب الأضواء منها، كما فعلت السعودية بإعلان عن انعقاد قمة خليجية امريكية في الرياض بحظور "الجولاني" مما اخذت حيزاً ذات مديات بعيدة بأنشغال وسائل الإعلام العربي والغربي فيها، لإبعاد الأضواء عن قمة بغداد..                                                           المضحك المبكي، أنه ورغم كل هذه المواقف، من بعض الدول العربية تجاه العراق، في السابق والحاضر، لازال البعض يعدهم عمقا إستراتيجيا لنا.. وهو إشتباه كبير جداً جداً.

لؤي الموسوي

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف