
الكاتب اسعد عبدالله عبدعلي
لاحظنا في الأيام الماضية حملة مسعورة للذباب الالكتروني ضد المرجع الاعلى السيد السيستاني, عبر منشورات مدفوعة الثمن تحول الاستهزاء بمقام المرجعية, والتقليل من ثقلها في البلد, او التهجم والسب والشتم, وتناقل تلك المنشورات اولاد البعث والخط المعادي للمرجعية الصالحة, وانكشف موقف الكثيرون المخزي, عبر نشاط ملفت للخط المعادي للعراق.
ويُعد المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني شخصية دينية ووطنية ذات تأثير هائل في العراق, بل وفي كل المنطقة، وهو ما يجعله هدفًا لحملات ممنهجة ومفاجئة للإساءة أو التشكيك, عبر منصات التواصل الاجتماعي, هذه الحملات غالبًا ما تكون مدفوعة بدوافع سياسية، أو طائفية، أو حتى شخصية، وتسعى إلى تقويض مكانته ودوره المحوري.
لكن هناك الحقيقة الجميلة يجب الافصاح عنها, حيث واجه الكثير من الشرفاء اولاد الوطن الطيبين, ذلك الطنين بكل جدية وقوة, وقاموا بكشف زيف معلومات الاعداء, ونال من الهتهم وعرى هدفهم من حملتهم الخبيثة.
· الدوافع السياسية لمهاجمة مقام المرجعية
يتمتع المرجع الاعلى السيد السيستاني حفظه الله بنفوذ معنوي كبير يفوق تأثير كل السياسيين، وقد استُخدم هذا النفوذ في منع انزلاق العراق نحو الفوضى أو الحرب الأهلية, في مراحل حرجة جدا, مثل دوره في إطلاق فتوى الجهاد الكفائي ضد داعش، أو دعواته الإصلاحية خلال احتجاجات تشرين, وهذا الدور الوطني المستقل يهدد مصالح أطراف سياسية معينة.
وكان هنالك محاولات كثيرة مبكرة لدفع المرجعية للدخول المباشر في السياسة, لكن كان دائما المرجع الاعلى السيد السيستاني يرفض الانخراط المباشر في العملية السياسية، ولا يدعم بشكل علني أي حزب أو تيار سياسي معين. هذا الاستقلال يجعله مصدر إزعاج لبعض القوى التي ترغب في توظيف المرجعية كغطاء شرعي لبرامجها أو للسيطرة على الشارع. او حتى الاساء لها عبر ادخالها في العملية السياسية بشكل مباشر... والهدف واضح: وهو محاولة تشويه صورته كـ"مرجعية وطنية محايدة", وتحويله إلى طرف ضعيف أو متحيز، لتخفيف تأثير بياناته على القرارات الحكومية... لذلك تجد هذه الحملات الممنهجة من الاساءة لمقام المرجعية الصالحة حقدا وبغضا.
والامر الاخر الدافع لهذه الهجمات هو بسبب موقف المرجعية الصالحة من الفساد, فقد كان لها دور بارز في التنديد بالفساد والدعوة للإصلاح الجذري. هذه المواقف تتعارض بشكل مباشر مع مصالح بعض النخب السياسية المستفيدة من الوضع القائم... فياتي الهدف من حملاتهم الخبيثة بغرض الانتقام من مواقفه أو الضغط عليه لتخفيف حدة خطابه الموجه ضد الفساد والمفسدين.
· بقايا البعث واكمال الحرب ضد المرجعية
يمكن تحليل موقف القوى البعثية من المرجعية الدينية العليا في العراق (كالسيد السيستاني) إلى عاملين رئيسيين ومتشابكين، يدور كلاهما حول التهديد المزدوج الذي تمثله المرجعية لأيديولوجيتهم ولطموحاتهم السياسية الحالية..
اولا: المعروف عن أحفاد عفلق لعنه الله الرفض للحالة الدينية, فهم حزب ملحد لا يؤمن بالدين الا باعتباره تراث, ولا تزال الأيديولوجية القومية العلمانية لحزب البعث الكافر تنظر إلى المرجعية الدينية، ممثلة بمؤسساتها ورجالها، على أنها تهديد وجودي مباشر لمبادئها الأساسية... لذلك تسخر كل قدراتها في محاربة السيد السيستاني. ان "العفالقة" يرفضون بشكل قاطع أي تأثير لرجال الدين في صياغة السياسات العامة أو إدارة شؤون الدولة. وجود مؤسسة دينية ذات سلطة معنوية واسعة يُعد تحدياً مباشراً لمشروعهم العلماني الخبيث في العراق.
ثانيا: "العفالقة" هم ضد النظام الجديد في العراق, وبما ان السيد السيستاني دور مهم في استقرار البلد ورد الهجمات الظلامية, لذلك يتحول السيد السيستاني الى عدو خطير للعفالقة, لهذا يجعلون من مواقع التواصل مستنقع لأكاذيبهم وعهرهم.
ثالثا: المعروف ان "العفالقة" يستهدفون هذا النظام لأنه يمثل نهاية حكمهم وبداية عصر جديد. بالتالي، فإن إضعاف أو إسقاط هذا النظام الجديد يتطلب بالضرورة نزع الشرعية عن رموزه الأكثر ثباتاً وتأثيراً، المرجعية الصالحة هي أحد أهم هذه الرموز. إن ضرب مكانة المرجعية يُعد جزءاً من استراتيجية أوسع لتقويض البنية التحتية للنظام الحالي.
رابعا: استراتيجية التشويه: يعمل "العفالقة" على حملات التضليل والتشكيك وتعتمد على أدوات خفية ومنصات غير مباشرة، وتحديداً من خلال حسابات مجهولة على الإنترنت أو صفحات تُتهم بـ الارتباط بالبعثيين أو جهات معادية لاستقرار العراق... والامر الاخر يتمثل الهدف التكتيكي في بث سيل من الشائعات والمعلومات المضللة عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الأخرى. هذه الحملات موجهة لـ زرع الشكوك في أذهان الجمهور.
· الدوافع الخارجية والإقليمية
غالباً ما تنبع بعض حملات التشويه من أجندات إقليمية أو دولية, تسعى إلى زعزعة الاستقرار في العراق عبر استهداف رموزه: والمؤكد هكذا حملات تكون موجه ضد المرجع الاعلى السيد السيستاني, حيث يُنظر إلى المرجعية العليا في النجف على أنها صمام أمان لاستقرار العراق والوحدة الوطنية. لذلك يكون استهداف المرجعية الصالحة يهدف إلى إثارة الفتن والانقسامات داخل المجتمع الشيعي أولاً، ثم بين مكونات الشعب العراقي ثانياً.
ويمكن ان تكون بعض الحملات المسعورة مرتبطة بأجندات قوى خارجية, تسعى إلى تعزيز أو إضعاف مرجعيات معينة، أو في سياق التنافس على النفوذ الديني والسياسي في المنطقة. او محاولة لأبعاد الجماهير عن قيادتها الحقيقية, للبعث بمواقف تلك الجماهير وتسليم رقابها بقرارات مرتبطة بالقوى الغربية.
· طبيعة مواقع التواصل الاجتماعي و"الذباب الإلكتروني"
توفر مواقع التواصل الاجتماعي بيئة مثالية لانتشار الإساءة والشائعات، مدفوعة بآليات التضليل الحديثة: وهي كما معروف حسب التفصيل الاتي:
اولا: الصفحات المزورة والعمياء: ينتحل البعض صفة صفحات تابعة للمرجعية أو لمكتبها (وهو ما نفاه المكتب مراراً)، لنشر فتاوى أو مواقف مزيفة تهدف إلى إثارة السخرية أو الجدل، أو استخدام حسابات مجهولة (الذباب الإلكتروني) لشن حملات إلكترونية منظمة.
ثانيا: تداول الشائعات لزعزعة الثقة: حيث يتم استهداف المرجع الاعلى السيد السيستاني الشائعات (كالشائعات حول صحته, أو مواقفه السياسية غير المعلنة), ويهدف إلى زعزعة الثقة بين الجمهور والمرجعية في لحظات حاسمة, (مثلما حدث خلال الانتخابات أو الأزمات الأمنية).
ثالثا: الإثارة والربح: يعتمد بعض الأفراد على نشر الإساءة والتحريض لزيادة التفاعل (Engagement) على صفحاتهم، وهي ظاهرة تنمو في بيئات التواصل الاجتماعي حيث تُكافأ المحتويات المثيرة للجدل.
· اخيرا
يتم استهداف رمز العراق الأسمى "السيد السيستاني" بحملة شرسة من "الذباب الإلكتروني" مدفوع الثمن، حيث يسعى الذباب لتقويض نفوذ المرجع الاعلى الروحي والوطني في قلوب الناس, هذا الهجوم ليس عشوائياً؛ إنه يتغذى على العداء الأيديولوجي للبعثيين العالقين في عداء العلمانية للدين، وعلى الخصومة السياسية مع دوره المحوري في حفظ استقرار ما بعد 2003. وتهدف هذه الحملات التي تشوبها دوافع إقليمية، إلى تلطيخ موقفه الحيادي ومواقفه ضد الفساد، لتحويل رمز الأمان إلى هدف للفتنة, ورغم طنين التشويه، يبقى تأثير المرجعية الصالحة كبيرا فهي صمام أمان لا ينكسر.













