معركة استعادة هيبة المشيخة

أربعاء, 09/17/2025 - 15:11

 

يوسف السعدي

يواجه المجتمع العراقي اليوم، وخصوصاً في محافظات الوسط والجنوب، تحديات بنيوية متزايدة تهدد النسيج الاجتماعي، الذي لطالما استند إلى دعائم قوية، فبينما تحظى المرجعية الدينية والشعائر الحسينية بحماية إلهية واجتماعية، تظل العشائر وهي الركيزة الثالثة، عرضة للتلاعب الذي ينتج عنه صراعات دامية ومشاكل مجتمعية خطيرة، إن أبرز هذه التحديات هي ظاهرة "الشيخة المزيفة" التي أفرزت فوضى عارمة، وساهمت في اضمحلال دور الشيوخ الأصيلين.

لم تعد المشيخة اليوم حكراً على أصحاب النسب العريق، الذين توارثوا هذا الدور عن آباء وأجداد، بل غدت مجالاً مفتوحاً، لمن يدعيها لأسباب مادية أو شخصية أو حتى سياسية، هذا التعدد في "رؤوس" العشيرة أضعف من نفوذ شيخ العشيرة الحقيقي، وجعل كلمته لا تجد الصدى المطلوب لدى أبناء عشيرته، الذين باتوا يتأثرون بأصوات أخرى لا تمثل قيم العشيرة أو أخلاقها، هذا الضعف أدى إلى تزايد ظواهر سلبية كـ"الدگة العشائرية"و"النزعات المسلحة، واستخدام السلاح بشكل مفرط في حل النزاعات، الأمر الذي دفع بالدولة إلى الوقوف مكتوفة الأيدي في أحيان كثيرة.

إن السكوت على هذه الظواهر ليس خياراً، بل هو بمثابة تضحية بأمن وسلامة المجتمع، لذا أصبح لزاماً على الدولة أن تتدخل بشكل حاسم، لا للقضاء على النظام العشائري بل لإعادة تنظيمه وحمايته، يجب أن تتخذ إجراءات فورية لإيقاف ظاهرة "التشيّخ" بدون جذور واضحة، من خلال سن قوانين تفرض على مدّعي المشيخة إثبات نسبهم بشكل رسمي، والأهم من ذلك  هو تشديد العقوبات على المتورطين في جرائم العنف العشائري، مع إجبار المتصدين للمشيخة على التوقيع على تعهدات رسمية بتحمل المسؤولية الكاملة، في حال وقوع أي من هذه الممارسات السلبية في مناطق نفوذهم، إن إعادة هيبة المشيخة الحقيقية، هي السبيل الوحيد لإعادة التوازن الاجتماعي الذي افتقدناه، وحماية هذا المكون الأصيل من اندثار قيمة ومبادئه بسبب شيوخ الصدفة.

 

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطراف