
مع التوجيه الأخير لفخامة رئيس الجمهورية بضرورة تشجيع وتنشيط السياحة الداخلية، تدخل موريتانيا مرحلة جديدة من التعاطي مع ثروتها السياحية المتنوعة، ليس فقط كقطاع اقتصادي واعد، وإنما أيضاً كرافعة لتعزيز اللحمة الاجتماعية وتثبيت الهوية الوطنية.
1- السياحة الداخلية كخيار استراتيجي.
إن تشجيع المواطنين والمقيمين على استكشاف بلدهم وزيارة معالمه الطبيعية والتاريخية يفتح الباب أمام
* تحريك الدورة الاقتصادية على المستوى المحلي (الفنادق، المطاعم، النقل، الصناعات التقليدية).
* خلق فرص عمل للشباب والنساء في مجالات الإرشاد السياحي والخدمات.
* تعزيز معرفة المواطن ببلده وغرس الاعتزاز بمقوماته الحضارية والطبيعية.
2- مقومات موريتانيا السياحية
تتميز موريتانيا بتنوع بيئي وجغرافي يجعلها قبلة للسياحة الداخلية والخارجية على حد سواء:
أ- السياحة الطبيعية
* الصحراء الكبرى بما تحمله من كثبان رملية شاهقة ومناظر خلابة تصلح لرحلات السفاري والتخييم.
* الشواطئ الأطلسية الممتدة على أكثر من 700 كلم، والتي تجمع بين نقاء الرمال وتنوع الثروة البحرية.
* المحميات الطبيعية مثل حوض آرغين، المصنف ضمن التراث العالمي، الغني بالطيور النادرة:
ب- السياحة الثقافية والتاريخية
* المدن التاريخية الأربع (ولاته، شنقيط، تيشيت، وادان) التي تشكل ذاكرة علمية ودينية وإشعاعاً ثقافياً للحضارة الإسلامية في غرب إفريقيا.
* القصور والمخطوطات, التي تعكس رصيداً معرفياً فريداً.
* الموروث الشعبي من موسيقى وأزياء ومأكولات تعبر عن تنوع المجتمع الموريتاني.
جـ- السياحة الدينية
موريتانيا بلد محاظرها وزواياها، مما يجعل السياحة الدينية والعلمية أحد أهم روافدها، خصوصاً في مواسم المناسبات الدينية.
3- التحديات والفرص
رغم الإمكانيات الهائلة، تواجه السياحة الداخلية بعض التحديات مثل ضعف البنى التحتية (طرق، فنادق، مراكز استقبال)، وقلة الوعي بأهمية السياحة، إلى جانب الحاجة إلى تأطير أفضل للموارد البشرية.
لكن الفرصة اليوم سانحة عبر:
* إدماج السياحة الداخلية في **استراتيجيات التنمية المحلية**.
* تشجيع الاستثمار الخصوصي في مجال النقل والفنادق والمنتجعات.
* إطلاق حملات توعية وطنية لحث المواطنين على اكتشاف بلدهم.
4- نحو رؤية وطنية للسياحة الداخلية
إن جعل السياحة الداخلية خياراً وطنياً يتطلب رؤية شاملة تشمل:
* إدماج السياحة في المناهج التعليمية لتعريف الناشئة بموروثهم.
* تشجيع الرحلات المدرسية والجامعية نحو المناطق السياحية.
* تنظيم مهرجانات دورية في المدن التاريخية والساحلية.
خاتمة:
السياحة الداخلية ليست مجرد نشاط ترفيهي، بل هي مشروع وطني يعزز التنمية الاقتصادية، ويحمي الموروث الثقافي، ويعمّق الشعور بالانتماء. ومع التوجيه الرئاسي الأخير، من لدن صاحب الفخامة فإن موريتانيا أمام فرصة تاريخية لترسيخ هذا القطاع كأحد أعمدة اقتصادها ومستقبلها.
بقلم الدكتور الإداري الحسين ولد اشويخ.
